اشتباكات حدودية بين أفغانستان وباكستان تخرق الهدنة

شهدت المنطقة الحدودية الفاصلة بين أفغانستان وباكستان، مساء الجمعة، جولة جديدة من التوتر العسكري وتبادل إطلاق النار، في خرق واضح للهدنة الهشة التي تم التوصل إليها مؤخراً بين الجانبين. واتهمت سلطات حكومة طالبان القوات الباكستانية ببدء القصف على مناطق سكنية في ولاية قندهار الجنوبية، مما استدعى رداً عسكرياً من جانب قوات الإمارة الإسلامية، وفقاً لما صرح به مسؤولون أفغان.
تفاصيل الاشتباكات في سبين بولدك
أعلن المتحدث باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد، عبر منصة "إكس" أن القوات الباكستانية بادرت بفتح النيران مساء الجمعة على منطقة "سبين بولدك" الحدودية التابعة لولاية قندهار. وأكد مجاهد أن هذا الهجوم اضطر القوات الأفغانية للرد بالمثل للدفاع عن أراضيها. من جانبه، أوضح علي محمد حقمال، رئيس دائرة الإعلام في ولاية قندهار، أن الجانب الباكستاني استخدم المدفعية الثقيلة والخفيفة وقذائف الهاون، مما أدى إلى تضرر عدد من منازل المدنيين في القرى الحدودية، قبل أن يتوقف القتال باتفاق متبادل لتهدئة الموقف، دون الإعلان رسمياً عن حصيلة الضحايا البشرية لهذه الجولة المحددة.
خلفيات التوتر وتاريخ النزاع الحدودي
تأتي هذه الاشتباكات في سياق متوتر للغاية تشهده العلاقات بين كابول وإسلام آباد، حيث يعتبر ملف الحدود المعروف باسم "خط ديورند" أحد أبرز نقاط الخلاف التاريخية بين البلدين. ترفض أفغانستان الاعتراف بهذا الخط الذي رسمه الاستعمار البريطاني كحدود دولية، بينما تصر باكستان على شرعيته وقامت بتسييج معظم أجزائه، وهو ما يثير حفيظة الجانب الأفغاني باستمرار ويؤدي إلى مناوشات متكررة.
علاوة على ذلك، تتهم باكستان حركة طالبان الأفغانية بتوفير ملاذات آمنة لمقاتلي "حركة طالبان باكستان" المحظورة، التي تشن هجمات داخل الأراضي الباكستانية، وهو ما تنفيه كابول جملة وتفصيلاً. هذا التراشق بالاتهامات أدى إلى تدهور الثقة الدبلوماسية والأمنية بين الجارتين.
فشل الهدنة والوساطات الإقليمية
يُذكر أن المنطقة شهدت في منتصف شهر أكتوبر الماضي مواجهات دامية غير مسبوقة أسفرت عن مقتل نحو 70 شخصاً من الجانبين، مما استدعى تدخلاً دبلوماسياً إقليمياً قادته قطر وتركيا لمحاولة احتواء الموقف. ورغم التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقت، إلا أن الخروقات المستمرة، مثل حادثة الجمعة وقصف سابق في 25 نوفمبر أودى بحياة مدنيين بينهم أطفال، تشير إلى هشاشة الوضع الأمني.
وتلقي هذه التوترات بظلالها القاتمة على الوضع الاقتصادي والإنساني، حيث تسبب إغلاق المعابر الحدودية المتكرر منذ 12 أكتوبر في تكدس آلاف الشاحنات التجارية وتعطيل حركة المسافرين والمرضى، مما يفاقم المعاناة الإنسانية في كلا البلدين ويضرب حركة التجارة الحيوية في المنطقة.



